فصل: الطرف الثاني في صدقات الرؤساء والأعيان وأولادهم:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: صبح الأعشى في كتابة الإنشا (نسخة منقحة)



.الطرف الثاني في صدقات الرؤساء والأعيان وأولادهم:

وهي على نحو من الصدقات الملوكية في الترتيب، إلا أنها أخصر، ومن الألقاب بحسب أحوال أصحابها من أرباب السيوف والأقلام.
وهذه نسخة صداق جمال الدين عبد الله بن سيف الدين أبي سعيد أمير حاجب على بنت بيدمر العمري، من إنشاء المقر الشهابي بن فضل الله؛ وهي: الحمد لله مبلغ كل آمل ما يرجوه، وراعي ذمم من لم ينسوا عهده ولم يخلفوه، ومكمل الخير لكل ذي.... يصدوا من يجفوه، ومجيب كل منيب يدعوه قائماً قاعداً: {ولما قام عبد الله يدعوه}.
نحمده حمداً نكرر فضله ونتلوه، ونحل معضله ونجلوه، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة يتظافر عليها الآمر المسلم وبنوه، وتبيض بها وجوه الأوداء، وتسود وجوه الأعداء، يوم تبيض وجوه وتسود وجوه، ونشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله الذي سعد به ذووه، وصعد قدر صهره وحموه، وشرف نسباً ما التقى فيه على سفاح هو ولا أولوه، صلى الله عليه وعلى أله وصحبه صلاة لا يزال بها الروض الأرج يفوه، والسحر يبلغها ولو سكت وختم بالبرق فوه، وسلم تسليماً.
وبعد، فإن أزهى زهر طاب مجتنوه، وطال باعاً في الفخار مجتبوه، زهر كمامه جرت عنها لأمة كمي، وأبرزتها سنة الإسلام من حجاب ذي أنف حمي، وطلعت من أفق بدري طالما سنح مجتلوه، وحمى سيف أمن في كلئه بكلاءته مختلوه.
وكان الجناب الجمالي عبد الله ابن المرحوم سيف الدين أبي سعيد أمير حاجب، أدام الله تعالى علاه، ورحم أباه، هو ولد ذلك الوالد، وطارف ذلك التالد، ونشو هذه الدولة الشريفة الكاملية التي أخذ منها حظه بالتمام والكمال، وأصبحت به كالغادة الحسناء ذات الحسن والجمال، ولم يمت أبوه في أيام سلطانها- خلد الله ملكه- حتى قرت به عينه، وساواه في الإمرة لولا تفاوت العدة وقدم المدة بينه وبينه، وجاء منه ولد نجيب، وابن شاع وذاع سر أبيه وحمد وهذا عجيب!!!.
ولما انتقل والده رحمه الله تعالى إلى رحمة ربه، وشرب بالكأس الذي لا بد لكل حي من شربه- تطلب مثل ذلك الأب ولم يزل يجد حتى وجد، وظفر بوالد إن لم يكن ولده حقيقة فإنه عنده مثل الولد، وهو المقر بيدمر، وهو الوالد الذي لم يفقد معه من والده ذرة، والأب الذي هو أرأف من كل أم برة، والنير البدري الذي سعد قرانا، وصعد وداس بقدمه أقرانا، وقسم د هره شطرين: نهاره للضيوف قرى وليله لله قرآنا.
هذا إلى أنه طالما طيب لزكاة أمواله وثمرها، وزين في أعماله بمدرسة عمرها، وقيد شوارد حسناته وثقفها، مع أنه شيد الممالك وسدد أمورها، وسد ثغورها، وحمى ببيض سيوفه السواد الأعظم، ورمى بصوائب سهامه النوائب ولم تستعظم، ولم تزل نوب الأيام تجرب منه مسوريا، وتجرد حراً كريماً جاء في أول السنة صقراً بدرياً، فكان من تمام بره بمن سلف إجابة ولده، وإجالة الرأي فيما يكون سبباً لصيانة عزمته وذات يده، فأنعم له بعقيلته الممنعة، وربيبته التي غدت الشمس منها سافرة مقنعة، وقال: على الخير والخيرة، وابن أخ كريم وجدع الحلال انف الغيرة؛ وما أسنى عقداً يكون متوليه، ومنشئه إحساناً منه ومسنيه، مولى به نظمت عقود اللآلي، ورقمت بعلمه أعلام الأيام وذوائب الليالي، وسلمت القضايا به إلى منفذ أحكامها، ومنيل الفضل لحكامها، البحر الزاخر، والنجم الذي كم ترك الأول منه للآخر، والغمام إلا أنه قضت صواعقه على الخصوم، والإمام الذي أجمعت عليه السنة ولم تنكر الشيعة أنه الإمام المعصوم، والعالم الذي ما برحت بروقه تشام، وحقوقه على أهل مصر والشام، والذي ولى الظلم منذ ولي، واعترف ذوو الفضل والفصل في القضاء أن أتقاهم تقي الدين واقضاهم:
قاضي القضاة أبو الحسن ** ببقائه يجلى الحزن

وهو الذي في حكمه ** يجري على أقوى سنن!

طود إذا وازنته ** بالطود في حكم وزن!

والبحر طي ردائه ** قلد العقود بلا ثمن!

فأضاء المحفل به وبالحاضرين، وقام شغار الدين حتى قال القائل: هذه سيوف المجاهدين وهذا سيف المناظرين، وقيل: هذا وقت جود قد حضر، وموضع سرور ينبغي أن يعجل منه ما ينتظر، فابتدئ السعد محياه الوسيم، وافتتح فقال: بسم الله الرحمن الرحيم هذا.......................
وهذه نسخة صداق ناصر الدين محمد بن الخطيري، من إنشاء المقر الشهابي بن فضل الله؛ وهي: الحمد لله الذي زاد الأصول الطيبة قرباً، وزان الأنساب الطاهرة بصلة تتأكد حباً، وصان كرائم البيوت القديمة الفخار بمن يناضل عن حسبه ذباً، ويناظر العلياء فلم يبن إلا بين منازل النجوم بيوتاً ولم يسبل سوى السمر سمر القنا حجباً.
نحمده حمد من دعاه قبل بث النسم فلبى، واستدعاه لأخذ العهد عليه أمام تفريق القسه فما تأبى، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تستنطق ألسنة وتشكر قلبا، وتستغدق أنواء السرور فتضيء البشائر بروقاً وتمطر الرحمة سحبا، ونشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي قام في تكثير الأمة حتى زاد عددها على مواقع القطر وأربى، وقال مما أمر به: {قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى} صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وعلى أقرباءه صلاة تضم آلاً وصحبا، ما سارت الشهب تقطع الآفاق شرقاً وغربا، وسلم تسليماً.
وبعد، فإن أولى ما اشتبك وشيجه، واشتبه في منابت الأيك بهيجه، وانتبه في أرائك الخمائل أريجه، وانتدب لإتيانه الأفق وظهر عليه من ذهب العشاء تمويهه ومن لمع الصباح تدبيجه- ما اتبعت فيه الشريعة المطهرة حيث لا تختلف الأئمة، والسنة النبوية على من سنها أفضل الصلاة والسلام فيما تأتلف به البعداء وتكثر لمباهاته الأمم يوم القيامة هذه الأمة، وتدنو به الأجانب بعضهم من بعض ويجعل بينهم مودة ورحمة، وتعد به أياد جمة لا تحصر ويخلد به في العاقبة شرف الكر ويتعجل به شرف النعمة؛ وهو النكاح الذي تشتد به الأواصر، وتعتد به الموارد لتمثيل أكثر الصور من أزكى العناصر، وتمتد به همم الأبطال لما يستخرجه بحفدة أبنائه من أتم قوة وناصر. وأكمله ما تماثلت في أشرف البيوت العريقة وجوه فخاره، وتقابلت في مطالع السعود- حيث البدر المنير والشرف الخطير- مشارق شموسه ومطالع أقماره.
وكان الأبوان في أهل الفخار من جرثومة بسقا، وأورامة تفرقت فروعها ثم تلاقى منها غصنان واعتنقا، من بيت ما حجبه إلا مواضي الصفاح، ولا شهبه إلا طلائع الأسنة في رؤوس الرماح، ولا سحبه إلا ما يفيض على جنباته من النفوس أو يفيض من السماح، ولا سجفه إلا المناقب لولا أن الثريا جاذبت ما يعرض في السماء أثناء الوشاح؛ وكان هو الراغب إلى عمه، الخاطب إليه ما لم يكن يخبأ إلا لقسمه، الطامح بنظره إلى عقيلة الفخار في غرفها، الطامع بخطبه الشمس شمس النهار إلا أنها في بيت شرفها، المتوقع من كرم عمه الإجابة التي لحظها بأمله، وتولية يد كريمة لا يعتدل الزمان إلا إذا حملت شمسها في بيت حمله، توقعاً لنسل لا يزال به شرف هذا البيت الكريم موجوداً، ونسب إذا عد ولد منه الأباء عد جدين سعيدين هذا مسعوداً وهذا محموداً، فتلقى قصده بإكرام بوأه أكناف الشرف، وأوطأه فرش الكرامة ممتعاً بنعيم الترف، ابتداعاً للكرم المألوف، واتباعاً للسنة الشريفة إذ كان الأقربون أولى بالمعروف.
فتباريا جوداً سارع كل منهما في أداء حقه إلى الواجب، وتجاريا إليه ليلحقا شأو أبويهما وكل منهما يعلم أنه العين والعين لا ترتفع على الحاجب؛ وأتم الجناب الشرفي محمود- أدام الله نعمته بحسن إجابته، ويمن رغبته في أهل عصبته، وأهل جنوده إلى أن ساروا إلى الهيجاء تحت عصابته بأن فوض هذا الأمر إلى أخيه الكبير والد الخاطب، وسكت وقال: هو في التصرف وعني المخاطب، وله الأمر ولولا الشرف بنسبة الأخوة إليه لما قلنا: إلا إننا ملك يده، وإذا كان العم صنو الأب فأي فرق بين ولدي وولده؟، ولئن اختص في نسبته هذه الزوجة في يومه هذا فإن أولادها لا تعرف إلا به في غده؛ فكمل هذا العقد، وأشرق به السعد الطالع أضوأ مما قدم وأخر من النقد، وكان من تمام التكريم، أن قال قائله: بسم الله الرحمن الرحيم.....
وهذه نسخة صداق القاضي تقي الدين؛ وهي: الحمد لله الذي رفع إلى المنازل العلية من كان تقيا، وجمع شمل من لم يبرح لسنن السنن تابعاً وبها حفيا، وخلع أثواب الثواب على من سرح طرف طرفه في روض التأهل وجعله وضيا.
نحمده على نعمه التي من هز جذع نخلها تساقط عليه رطباً حنيا، ونشكره على فضله الذي كم أجرى لقاصده من بحره المعروف سريا، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تمنح قائلها في غرف الجنة مكاناً عليا، ونشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله الذي آتاه الله الكتاب وجعله نبيا، الآمر بالنكاح ليكاثر بهم الأمم يوم يقربه الله نجيا، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين كان يحل منهم في حالتي الكرم والكرمات وليا، ما أطلع التوفيق في آفاق الاتصال من الأنساب الكريمة كوكباً دريا؛ وسلم تسليماً كثيرا.
وبعد، فإن أولى السنن بالاتباع سنة النكاح، التي أخفى نور مصباحها شمس الصباح، وخففت على معالمها أعلام النجاة والنجاح، وحمد المسير إلى ربوعها الآهلة بأهلة العصمة في الغدو والرواح؛ يا لها سنة سنة وجهها جميلة، وتبلغ النفوس من الصيانة أقصى مناها،؟ويظفر أولو الرغبة فيما أحل الله بمطلوبهم، وتؤلف بين لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما ألفت بين قلوبهم؛ وهي الوسيلة التي سواد هذه الأمة، والذريعة إلى بقاء النوع الذي أظهر الله في سماء التكريم نجمه، وإليها الإشارة في قوله تعالى: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة}.
ولما كان كذلك رغب في اقتناء آثارها، واهتدى بالضوء اللامع من أقمارها، من يتشرف المكان بذكر وصفه، ويتعطر ما انتشر في طيبه من طيب عرفه، ماجد عمر البلاد الساحلية بدوام ديمه، وجواد ما جاوره البحر إلا ليقتبس من كرمه، ورئيس امتطى ذروة العلياء بحسن السلوك، وأريجي لو لم يكن صدراً لما أودع سر الملوك، إن تكلم أبرز لك الجوهر المصون، لم يكن صدراً لما أودع سر الملوك، إن تكلم أبرز لك الجوهر المصون، وإن كتب ضحكت لبكاء قلمه ثغور الثغور والحصون؛ لله نسبه المشهور بين الأكابر الأعيان، وبيته المعمور بالعين المرفوع خبرها إلى فتيان، فخطب من علا قدرها، واشتهر بالحسن الجميل ذكرها، وجلت عن أن ترى العيون لها في الصون شبيهاً، وعمت البقاع سحب بركة أبيها؛ أكرم به عالماً عاملاً، وإماماً لم يزل يبدي فضلاً ويسدي نائلاً؛ كم له من آثار مشهورة، ومناقب مأثورة، وصدقات مبرورة، ومواطن بذكر الله معمورة.
فقوبل بالبشر قول رسوله، ورد رائده مخبراً ببلوغ سوله، وقيل له بلسان الحال: هذا ما كانت تنتظر الآمال؛ ياله عقداً غلت جواهر عقوده، وأنارت في آفاق الاتفاق أنجم سعوده، وتمايلت قدود الأفراح، وزهت مجالس السرور بالانشراح، وهبت قبول الإقبال، وقام الإقبال، وقام القلم خطيباً على منبر الطرس فقال: هذا ما أصدق.................
وهذه نسخة صداق من إنشاء الشيخ صلاح الدين الصفدي، للقاضي بدر الدين خطيب بيت الآثار، على بنت شمس الدين الخطيب من بيت الآثار، تسمى سولي، في مستهل جمادى الآخرة سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة، في مجلس مولانا قاضي القضاة تقي الدين السبكي الشافعي أدام الله أيامه؛ وهي: الحمد لله الذي زين سماء المعالي ببدرها، وأنبت في رياض السعادة يانع زهرها، وألهم ذوي الهمم أن يبذلوا في الكرائم غوالي مهرها.
نحمده على نعمه التي جللت ما صفا من لباسها، وسوغت ما صفا من رضاب كاسها، وخصنا بما عمت به من أنواع أجناسها، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أعلمنا في الإيمان نصها بالأداء، وبنى اسمها على الفتح كما فتح المضاف في النداء، ورفع خبرها: إما على رأي الرواة للشهرة وإما على رأي النحاة بالابتداء، ونشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله الذي شرع النكاح لهذه الأمة، ومنع السفاح فلم يكن أمرنا علينا غمة، ونهج الصواب فما ظنك بالصباح إذا ابتلج عقيب الليلة المدلهمة، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين تلقوا أوامره بالطاعة، واجتنبوا نواهيه حتى بلغوا جهد الاستطاعة، وفهموا مراده بمكاثرة الأمم فكان البضاع عندهم خير بضاعة، صلاة رضوانها يضيء إضاءة الكواكب في أبراجها، وغفرانها يكاثر البحار في أعداد موجها، ما اتصل سبب بالنكاح، وانفصل نسب بالسفاح، وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
وبعد، فإن النكاح من محاسن هذا الدين القيم، وفضائل هذا الشرع الذي لا زال شرفه بدراً بين مشرقات النجوم وهو مخيم؛ به يحفظ النسب الشرود، ويرعى عهد القرينة الولود الودود.
وكان فلان ممن أشبه أباه، وأبين ما أودعه من نفائس العلوم وحباه؛ تصدر في المجالس، ودرس في المدارس، وأورد ما عنده من النفائس؛ كيف لا؟ وهو سبط شيخ الإسلام وإمام المسلمين، وقاضي قضاة الشافعية وأوحد المجتهدين؛ وقد أراد الآن إحصان فرجه، وأن تنزل الزهرة مع بدره في برجه.
فلدلك رغب المجلس العالي المسمى وخطب الجهة المصونة المحجبة، النقية، والتقية، العفيفة، الخاتون غصن الإسلام، شرف الخواتين، جمال ذوات الستور، رة عين الملوك والسلاطين، السيدة سولي بنت فلان، صان الله حجابها- فأكرم موارد قصده، وحباه أنفس درة في عقده.
فلذلك قام خطيب هذا الحفل الكريم، والنجم الذي لم يزل نجمه بالطالع المستقيم، وقال: بسم الله الرحمن الرحيم.......................
قلت: وهذه نسخة صداق زين الدين صدقة السيفي أزدمر، على بنت أمير المؤمنين المتوكل على الله، أنشأته له في خلافة أخيها المستعين بالله العباسي؛ وهي: الحمد لله مستخرج الدوحة الهاشمية من أطيب العناصر، ومفرع النبعة العباسية من أكرم صنو انعقدت على فضله الخناصر، ومخصص بيت الخلافة منها بأعز جانب ذلت لعزه عظماء الملوك ما بين متقدم ومعاصر.
نحمده على أن صان عقائل الخلفاء بمعاقل الحسب وحصر كفاءتها في العلم والدين حيث لم يكافآ بحرفة ولا نسب، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الذي سن النكاح وشرعه، وأرغم بالحل أنف الغيرة لدى الإباء وقمعه، شهادة يستنشق من ريا عبيرها كل شذى أريج، وتجتنى ثمار ينعها بشريف النتاج من كل زوج بهيج، ونشهد أن سيدنا محمداً عبد ورسوله أفضل نبي وفر في الفضل سهمه حتى لم يساهم، وأكرم رسول رخص في تزويج بناته من صحابه وإلا فأين كفء رسول الله من العالم؟، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين شرفهم بقربه، وقرن الصهر بالنسب فيهم فخص مصاهرته أخصهم به، صلاة تصل سبب قائلها بسببه، وتجعل الفخار بها كلمة باقية في عقبه، وسلم تسليماً كثيراً.
وبعد، فإن أولى ما أطال فيه المطيل، وشحذ في وصفه الذهن الكليل، ورقمت محاسن ذكره على صفحة النهار بذائب ذهب الأصيل- ما تواصلت به الأنساب، وتوصل بواسطته في دراري الذراري إلى شرف الأحساب، وتوفرت عليه الدواعي فاشتدت به الأواصر، وحسنت في طريق قصده المساعي فتأكدت به المودة في البواطن والظواهر، وهو النكاح الذي ندب الله تعالى إلى معاطاته، وحض على التحلي بحليه حتى ألحقه بالعبادة في بعض حالاته، طلباً للتحصين الكافل بسلوك نهج الاستقامة، ورغبة في تكثير النسل الواقع به مكاثرة الأمم يوم القيامة.
هذا وكرائم بيت الخلافة، وربائب محتد المجد والإنافة، في حيز لو طلب مناوٍ مكافأتها لطلب معوزاً، أو رام مقاوم مضاهاتها في علو الرتبة لرام معجزاً، لما اختصت به من السيادة التي لا يرقى إلى منزلتها، والمعالي التي لا تسمو النفوس وإن شمخت إلى رتبتها، إذ كان النظير لشرف أرومتها ممتنعاً، والنقيض بما ثبت من طيب جرثومتها مرتفعاً؛ فبرق معاليها في التطأول لا يشام، وجوهر فخارها في المآثر لا يسامى ولا يسام؛ فعز بذلك في الوجود مكافيها، وامتنع- خوف الهجوم بالاختطاب- موافيها؛ إلا أن المواقف الشريفة المقدسة المتوكلة- زاد الله تعالى في شرفها، وأدام رعايتها بحلة الملوك وحمايتها وكنفها- مع ما انفردت به من العزالشامخ الذي لا يساوى، والشرف الباذخ الذي لا يناوى، قد رغب تفضلها في أهل الفضل فمال إليهم، واختص باقباله أهل الدين فأقبل بكليته عليهم، محلاً لهم من شريف مقامه العلي محل الاصطفاء، ومقدماً لهم في المصاهرة على أبناء الملوك والخلفاء، فوافق في الفضل شن طبقة، وحأول سارة النعم منها خير خاطب فتلقى بقبول: إن الله تصدق عليكم بصدقة، فعند ذلك ابتدر القلم منبر الطرس فخطب، وخطب بالمحامد لسانه اللسن فكتب:
هذا ما أصدق العبد الفقير إلى الله تعالى، الجناب العالي، الأميري، الكبيري، الشيخي، الإمامي، العالمي، العاملي، العابدي، الخاشعي، الناسكي، البليغي، المفوهي، الصدري، الرئيسي، الأصيلي، العريقي، الزيني، أبو المعالي صدقه- الجهة الشريفة العالية، الكبرى، المعظمة المحجبة، المصونة، سليلة الخلافة، فرع الشجرة الزكية، جليلة المصونات، جميلة المحجبات، سارة، البكر البالغ، ابنة سيدنا ومولانا المقام الأشرف، المقدس، العالي، المولوي، السيدي، الإمامي، النبوي، المتوكل على الله أبي عبد الله محمد أمير المؤمنين، ابن المقام الأشرف العالي، المولوي، الإمامي، المعتضد بالله أبي الفتح أبي بكر ابن الإمام المستكفي بالله أبي الربيع سليمان ابن الإمام الحاكم بأمر الله أبي العباس أحمد لا زال شرفه باذخا، وعرنينه الشريف شامخا، وذكر مناقبه العلية لكل منقبة ناسخا- صداقاً جملته كذا وكذا، زوجها منه بذلك فلان، وقبله فلان، وتم على بركة الله تعالى وحسن توفيقه، كاملة شروطه ولوازمه، مباركة عوذه وتمائمه، ميمونة فواتحه وخواتمه مفتتحة بطيب العيش أزاهره مفترة عن نوره إن شاء الله تعالى كمائمه.